◄التفاؤل هو النظرة الإيجابية للحياة والوجه المشرق لها، والجانب المضيء في طريق تحقيق الغاية مهما أخفق الإنسان في الوصول إليها، فالتفاؤل هو الميل إلى توقع حدوث الشيء الحسن والطيب.
التفاؤل إحساس داخلي جميل يشعر به كلّ مَن يريد أن ينعم بالحياة وبما فيها، لأنّه يعطيك الأمل المبني على السعي والجد.
عرّف روبرت أورنشتاين وزميله دايفيد سوبل في كتابهما الذات السليمة التفاؤل تعريفاً سيكولوجياً بأنّه: الميل إلى البحث عن المواقف السعيدة واستذكارها، وتوقع الخبرات السارة، لأنّه ليس مجرد فعل انعكاسي يحفّزنا أو يدفعنا للنظر في الجانب المشرق في الحياة.
كثير من أصدقائك يرون الدنيا بشكل مظلم، كما يرون النصف الفارغ من الكوب. إذا تحدثوا عن شيء فأنّهم يغفلون الجوانب الإيجابية. وإذا ذكروا أحداً قريباً كان أو بعيداً، فإنّهم لا يذكرون منه إلّا مساوئه والصفات التي لا تكاد تذكر أمام دماثة أخلاقه وخصاله الطيبة الأخرى.
في تجربة جميلة أجراها أستاذ علم نفس على طلبته علّمهم فيها الفرق بين المتفائل والمتشائم. حيث دخل هذا الأستاذ قاعة المحاضرات وهو يحمل ورقة بيضاء مربعة كبيرة غطى بها مساحة كبيرة على السبورة السوداء. فعل هذا والطلبة ينظرون إليه. أخذ الأستاذ يسأل الطلبة واحداً بعد الآخر عما يرون. كانت إجابة كلّ واحد منهم أنّه يرى لوحة سوداء. وهنا سألهم الأستاذ قائلاً: ألم يرَ أحد منكم المربع الأبيض الكبير؟
كان التطير طريقة أهل الجاهلية في حلهم وترحالهم، كانوا لا يقدمون على أمر إلّا بعد أن يسألوا السحرة أو يطلعوا على النجوم، وغيرها من الأمور التي كانت شائعة آن ذاك. إنّ نفسيتك ستكون سيئة جداً إلى درجة أنّك ستفقد مقومات أساسية من مقومات النجاح كالإقدام والمثابرة والتعاون الجماعي، إذا أخذت التطير طريقاً لك، فترددك وتخوفك الزائد، وتهويلك لصغائر الأمور تجعلك غير ناجح، وغير موفق في أمورك. وسيظل الفشل، والمشكلات، والشكوك، وخيبة الأمل تشغل ذهنك وفكرك. وقليلاً ما تتحدث عن النجاح، والأمل، والتحدي، والإصرار، والفوز، لأنّ هذه الأمور ليست مهمة عندك كاهتمامك بأخذ الحيطة والحذر الزائد على الحد المعقول. كما أنّك تشعر بأنّ الحظ لا يحالفك أبداً، وهذا يُعزى لأسباب كثيرة منها الآتي:
- ضعف الشخصية
- التخلف عن أداء الواجب
- التطلع إلى أبعاد غير منطقية
- التقاعس عن اقتناص الفرص
- أمنيات صعب تحققها
- انقطاع العلاقة بينك وبين الآخرين
فلقد أكد باحث نفسي يدعى دوجلاس بيرتون أنّ الإنسان الإيجابي يظفر بالهدف، أما الإنسان السلبي فينتظره. وأكد كذلك أنّ الإنسان في إمكانه أن يحقق أي هدف يريده إذا كان ذلك خيراً، وعادلاً، وسعى إلى تحقيقه بجد وانتظام.
وهذا يأخذنا إلى أحد قوانين العقل الباطن الذي يقول: العقل كالمغناطيس يجذب إليه الأشياء والأحداث والمواقف والتي تتوافق مع ما يفكّر به الإنسان.
ولو نظرت نظرة بسيطة بين المتفائل، والمتشائم من خلال رؤية كلّ واحد منهما للأشياء من حولهما لوجدت الاختلاف شاسعاً بين الاثنين.
وعلى سبيل المثال لا الحصر إليك هذه الفروقات:
الشخص المتفائل:
- يرى الجوانب المضيئة والسعيدة والجميلة في الحياة.
- يبحث عن الجمال في كلّ مكان حتى في الأشياء القبيحة.
- يرى في سم الأفاعي الدواء وفي النار الدفء.
- المعاناة عنده تصقل نفسه وتورثه الحكمة.
- يرى الثمار الطيبة في الأشجار المليئة بالشوك.
- لا يعير أقاويل الإحباط بالاً، لأنّه يعرف أن ليس للإنسان إلّا ما سعى، وأنّ لكلّ مجتهد نصيباً.
- إنسان ذو شخصية اجتماعية.
الشخص المتشائم:
- يرى الجوانب المظلمة والتعيسة في الحياة.
- لا يعرف كلاماً سوى النقد والهدام، لأنّه ذو شخصية أنانية.
- يرى في الماء الغرق وفي النار الهلاك.
- يندب حظه ويشعر بأنّ سوء الحظ يلازمه دائماً.
- يرى هفوات وأخطاء الناس.
- محدود الطموح والتفكير، ولا يرى إلّا الشوك في الشجر.
- كثير التردد والخوف من الإقدام على فعل أمر ما.
- يهوّل الأمور ويحبط همم الآخرين.
هناك أمور إيجابية وسلبية كثيرة في هذه الحياة، وإن كنت متفائل ستعرف أنّ سلبيات الحياة ما هي إلّا سُحب صيف عابرة ومؤقتة، كما أنّها أُمور طبيعية، كلّ إنسان يمرّ بها بشكل أو بآخر. وقوة تحمل هذه الأمور تتوقف على تحملك لمجابهتها.
يقول الطبيب النفساني مارتن سيلجمن في كتابه "التفاؤل المكتسب": إنّ لديك الخيار في أن تفكر بعقلك، ولذلك فإنّك تستطيع أن تغير عادات التشاؤم إلى عادات تفاؤل. والتفاؤل ما هو إلّا مجموعة من المهارات، ما إن تتعلمها حتى تستمر معك كعادة مدى الحياة، وذلك لأنّك سترغب في أن تكون في شخصيتك. وتستخدمها على وجهها السليم، لأنّها نافعة لك.
وفي دراسة عملية أجريت في مستشفى "مايوكلينك" في ولاية روتشستر الأمريكية أثبتت النتيجة أنّ المتفائلين يعيشون أطول من غيرهم. فقد أجرى باحثو التجرية تقييماً لاستبانات مؤلفة من 550 سؤالاً تدور حول شخصية المشتركين في الدراسة، حيث شارك فيها 839 شخصاً ما بين عامي 1962 أو1965. وقد تم تقييم الاستبانات باستخدام أسلوب جديد استحدث في العام 1994. تم التقييم على أساس أنّ الشخص المجيب عن الأسئلة ذو شخصية متفائلة أو قلقة. وأظهر التقييم أنّ 197 من المشتركين كانوا متشائمين بينما المتفائلون كان عددهم 124.
وأشارت النتائج إلى أنّ المتشائمين يتوقع لهم عمراً أقصر بكثير من غيرهم وأنّهم يميلون إلى الاكتئاب أضافة إلى كونهم أكثر الناس عرضة للمرض.►
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق